الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{قَالُواْ ياأَبَانَا استغفر لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خاطئين} ومن حق المعترف بذنبه أن يصفح عنه ويسأله المفغرة.{قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبّى إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم} اخره إلى السحر أو إلى صلاة الليل أو إلى ليلة الجمعة تحريًا لوقت الإِجابة، أو إلى أن يستحل لهم من يوسف أو يعلم أنه عفا عنهم فإن عفو المظلوم شرط المغفرة. ويؤيده ما روي أنه استقبل القبلة قائما إن الله قد أجاب دعوتك في ولدك وعقد مواثيقهم بعدك على النبوة وهو إن صح فدليل على نبوتهم وأن ما صدر عنهم كان قبل استنبائهم: {فَلَمَّا دَخَلُواْ على يُوسُفَ} روي أنه وجه إليه رواحل وأموالًا ليتجهز إليه بمن معه، واستقبله يوسف والملك بأهل مصر وكان أولاده الذين دخلوا معه مصر اثنين وسبعين رجلًا وامرأة، وكانوا حين خرجوا مع موسى عليه الصلاة والسلام ستمائة ألف وخمسمائة وبضعة وسبعين رجلًا سوى الذرية والهرمى. {ءَاوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ} ضم إليه أباه وخالته واعتنقهما نزلها منزلة الأم تنزيل العم منزلة الأب في قوله تعالى: {وإله آبَائِكَ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق} أو لأن يعقوب عليه الصلاة والسلام تزوجها بعد أمه والرابة تدعى أمًا: {وَقَالَ ادخلوا مِصْرَ إِن شَاء الله ءامِنِينَ} من القحط وأصناف المكاره، والمشيئة متعلقة بالدخول المكيف بالأمن والدخول الأول كان في موضع خارج البلد حين استقبلهم.{وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العرش وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَا} تحية وتكرمة له فإن السجود كان عندهم يجري مجراها. وقيل معناه خروا لأجله سجدًا لله شكرًا. وقيل الضمير لله تعالى والواو لأبويه وإخوته والرفع مؤخر عن الخرور وإن قدم لفظًا للاهتمام بتعظيمه لهما. {وَقَالَ يأَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ} التي رأيتها أيام الصبا. {قَدْ جَعَلَهَا رَبّى حَقّا} صدقًا. {وَقَدْ أَحْسَنَ بَى إِذَا أَخْرَجَنِى مِنَ السجن} ولم يذكر الجب لئلا يكون تثريبًا عليهم. {وَجَاء بِكُمْ مّنَ البدو} من البادية لأنهم كانوا أصحاب المواشي وأهل البدو. {مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشيطان بَيْنِى وَبَيْنَ إِخْوَتِى} أفسد بيننا وحرش، من نزغ الرائض الدابة إذا نخسها وحملها على الجري. {إِنَّ رَبّى لَطِيفٌ لّمَا يَشَاء} لطيف التدبير له إذ ما من صعب إلا وتنفذ فيه مشيئته ويتسهل دونها. {إِنَّهُ هُوَ العليم} بوجود المصالح والتدابير. {الحكيم} الذي يفعل كل شيء في وقته وعلى وجه يقتضي الحكمة. روي: أن يوسف طاف بأبيه عليهما الصلاة والسلام في خزائنه فلما أدخله خزانة القراطيس قال: يا بني ما أعقك عندك هذه القراطيس وما كتبت إلي على ثمان مراحل قال: أمرني جبريل عليه السلام قال: أو ما تسأله قال: أنت أبسط مني إليه فاسأله فقال جبريل: الله أمرني بذلك. لقولك: {وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذئب} قال فهلا خفتني.{رَبّ قَدْ اتَيْتَنِى مِنَ الملك} بعض الملك وهو ملك مصر. {وَعَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ الأحاديث} الكتب أو الرؤيا، ومن أيضًا للتبعيض لأنه لم يؤت كل التأويل. {فَاطِرَ السموات والأرض} مبدعهما وانتصابه على أنه صفة المنادى أو منادى برأسه. {أَنتَ وَلِىِّ} ناصري ومتولي أمري. {فِى الدنيا والاخرة} أو الذي يتولاني بالنعمة فيهما. {تَوَفَّنِى مُسْلِمًا} اقبضني. {وَأَلْحِقْنِى بالصالحين} من آبائي أو بعامة الصالحين في الرتبة والكرامة. روي أن يعقوب عليه الصلاة والسلام أقام معه أربعًا وعشرين سنة ثم توفي وأوصى أن يدفن بالشام إلى جنب أبيه، فذهب به ودفنه ثمة ثم عاد وعاش بعده ثلاثًا وعشرين سنة، ثم تاقت نفسه إلى الملك المخلد فتمنى الموت فتوفاه الله طيبًا طاهرًا، فتخاصم أهل مصر في مدفنه حتى هموا بالقتال، فرأوا أن يجعلوه في صندوق من مرمر ويدفنوه في النيل بحيث يمر عليه الماء، ثم يصل إلى مصر ليكونوا شرعًا فيه، ثم نقله موسى عليه الصلاة والسلام إلى مدفن آبائه وكان عمره مائة وعشرين سنة، وقد ولد له من راعيل افراثيم وميشا وهو جد يوشع بن نون، ورحمة امرأة أيوب عليه الصلاة والسلام. اهـ.
|